أخبار لبنان

ح-ز-ب الله يهز «عرش» التفوّق الجويّ «الإس-رائيلي»… ويتلاعب بـ«مقلاع داود» ساعات من «حبس الأنفاس» بعد توسّع الجبهة… وواشنطن على خط التهدئة «إسرائيل» تضغط لفرض وقف النار… والورقة الفرنسيّة لم تجد من «يشتريها»!

هل هو تصعيد الامتار الاخيرة قبل هدنة غزة؟ ام كادت الامور تخرج عن السيطرة بالامس وتدخل الجبهة اللبنانية في حرب شاملة ؟ لم ينتظر الاميركيون الجواب، وتحركوا عبر وسيطهم عاموس هوكشتاين الذي اجرى مروحة اتصالات، شملت كافة الاطراف في المنطقة على نحو مباشر وغير مباشر، وصفتها مصادر ديبلوماسية لـ «الديار» بالاستثنائية، لضبط التصعيد الذي كاد يطيح كل الجهود الاميركية، لمنع الانزلاق نحو مواجهة قاسية تهدد منطقة الشرق الاوسط بالاشتعال. ولهذا كان التركيز الاميركي على «لجم»التصعيد «الاسرائيلي»، الذي تبين لاحقا انه لم يكن بداية حرب شاملة، وانما رفع لمستوى المواجهة لمحاولة فرض وقف للنار…

وقد عاشت الجبهة الجنوبية ساعات من «حبس الانفاس»، بعد تطورات ميدانية نوعية بدأتها المقاومة صباحا، بادخال سلاح متطور مضادا للطائرات، اسقطت من خلاله «ايقونة» المسيّرات الاسرائيلية»هرمز 450»، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل الحقت «الهزيمة» بصاروخ «مقلاع داود» وثمنه مليون دولار، اثر فشله باعتراض الصاروخ الذي استهدف المسيرة، وهو امر رأت فيه وسائل اعلام «اسرائيلية» تطورا خطرا. عندئذ»جن جنون» قيادة الاحتلال ، فشن الطيران غارات جوية على البقاع للمرة الاولى منذ الثامن من تشرين الاول، لترد المقاومة بعدها باستهداف مقر قيادة فرقة الجولان في نفح ب60 صاروخا، فخرج وزير الأمن السابق وعضو «الكنيست» أفيغدور ليبرمان عن طوره، واكد ان حزب الله تهديد استراتيجي حقيقي، وإذا لم نغيّر المعادلة لن يبقى سكان في الشمال.

ووفقا لمصادر ديبلوماسية غربية، ثمة خشية اميركية جدية من اقدام رئيس الحكومة «الاسرائيلية» بنيامين نتانياهو على خطوة متهورة ضد لبنان، لمحاولة تنفيس الضغوط التي يتعرض لها على طاولة التفاوض في باريس والقاهرة والدوحة، للمضي قدما بهدنة في غزة. فهو يحاول التملص منها بشتى الوسائل الممكنة، ولهذا كان التحرك سريعا للجم التدهور، الذي برره «الاسرائيليون» لاحقا بارتفاع نسق العمليات النوعية من قبل حزب الله، الذي ادخل سلاح الجو- ارض الى مسرح العمليات العسكرية، وهو ما اعتبره «الاسرائيليون» تجاوزا خطرا «للخط الاحمر»، الذي لا يمكن السكوت عنه. وقد حصل الاميركيون مجددا على تأكيدات «اسرائيلية» بعدم وجود قرار بعد بتوسيع رقعة الاشتباك، لكن دون ان يلتزموا باي ضوابط!

في المقابل، رأت اوساط سياسية لبنانية بارزة، ان ما حصل من ارتفاع لنسق المواجهة العسكرية بالامس، سببه المباشر التقدم الحاصل في المفاوضات لهدنة في غزة، لا يريد «الاسرائيليون» ان تنسحب على الجبهة اللبنانية، وفقا للقواعد السابقة التي سادت خلال الهدنة السابقة. وهم الآن عبر رفع الضغط السياسي من خلال تصريحات وزير الحرب يوآف غالانت، الذي اعلن عدم نفاذ الهدنة على الجبهة الشمالية، وكذلك من خلال الضغط الميداني، يحاولون فرض اتفاق نهائي مع لبنان، وليس هدنة مؤقتة تكون اليد العليا فيها لحزب الله، حيث لا يمكن اعادة المستوطنين المهددين بخطر تهجير جديد، في حال انتهاء هدنة غزة.

وبما ان «اسرائيل» تحاول الضغط سياسيا وفي الميدان، جاء رد حزب الله على «التحية» باحسن منها بالامس، من خلال اسقاط الطائرة المسيرة بصاروخ «متطور»امس ، في «رسالة» ردع واضحة مفادها ان حجم المفاجآت لن يقف عند اي حدود، ولا قيمة لاي تهديد «اسرائيلي» بالتصعيد، لانه سيواجه على نحو غير مسبوق اذا حاولت حكومة الحرب استغلال هدنة غزة لرفع مستوى المواجهة جنوبا، او محاولة فرض تفاهمات نهائية قبل التوصل الى وقف نهائي للنار في غزة.

ولهذا تصف تلك الاوساط ما جرى بالامس، بانه تفاوض بالنار وتبادل «رسائل» ميدانية، تهدف من خلالها المقاومة الى منع حصول حرب شاملة عبر الكشف عن المزيد من قدراتها الردعية، كيلا تخطىء قيادة الاحتلال بالحسابات، بينما تحاول «اسرائيل» زيادة منسوب الضغط لفرض وقف نهائي للنار، يبدو متعذرا في الظروف الراهنة.

وفي تعبير واضح عن المآزق التي تواجه حكومة الاحتلال، التي تطالب بإرجاع حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني، أكد محلل الشؤون السياسية في «القناة 13الإسرائيلية» رفيف دروكر، أنّ «إسرائيل» غير قادرة على إبعاد حزب الله إلى ما بعد الليطاني وضمان عدم عودته. في المقابل اعتبر محرر الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة «هآرتس الإسرائيلية» يوسي ميلمان، انّ أيّ حربٍ شاملة ضد حزب الله يمكن أن تعرّض «إسرائيل» لخطر وجودي.

من جهتها، اشارت صحيفة «هارتس الاسرائيلية» الى ان وقفاً طويلاً لإطلاق النار، الذي سيتم التوصل إليه في غزة سيؤدي إلى وقف إطلاق النار على الحدود مع لبنان. هذا افتراض معقول يستند إلى سلوك حزب الله بوقف إطلاق النار السابق، الذي انضم إليه كجزء من الربط الذي خلقه بين الحرب في غزة ولبنان. وقالت ان وقف إطلاق النار تنتظره بصبر مجموعة الدول الخمس المعنية بإنقاذ لبنان من الأزمة السياسية والاقتصادية: السعودية وقطر ومصر وفرنسا والولايات المتحدة، التي لم تتمكن حتى الآن من صياغة خطة متفق عليها لإنهاء الصراع بين «إسرائيل» وحزب الله، وعدم قطع العلاقة بين الجبهة في قطاع غزة والجبهة في لبنان.

في هذا الوقت، اعلن وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب بعد اجتماع مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي انه جرى البحث في الرد على المقترح الفرنسي . وقال:» نهيئ الرسالة التي اتفقنا عليها والنقاط التي سنتناولها، والرد سيكون لدى الفرنسيين الأسبوع المقبل. وقال ردا على سؤال «موقفنا معروف ونريد تطبيقا كاملا وشاملا للقرار1701، ومن ضمنه شبعا وكفرشوبا.» وقال «نرحب بالدور الفرنسي، ولقد أعطانا الفرنسيون هذه الأفكار لأنه يهمهم لبنان وسلامة لبنان.

وفي هذا السياق، قالت صحيفة «هآرتس الاسرائيلية» ان الاقتراح الفرنسي يشمل وقفاً لإطلاق النار، وانسحاب قوات حزب الله إلى مسافة 10 كم عن الحدود «الإسرائيلية»، ونشر 15 ألف جندي لبناني على طول الحدود، وبعد ذلك تجري الدولتان المفاوضات حول الترسيم النهائي للحدود بينهما. ولكن اقتراح فرنسا، الذي لم يتم تنسيقه كما يبدو مع الولايات المتحدة، لم يجد من يشتريه. حزب الله تمسك بالموقف الذي يفيد بأن أي مفاوضات أو أي عملية سياسية وعسكرية، مشروطة بوقف إطلاق النار في غزة. «إسرائيل» تطلب انسحاباً كاملاً إلى ما وراء الليطاني كما ينص قرار مجلس الأمن 1701، الذي أنهى حرب لبنان الثانية. وثمة موقف مختلف للولايات المتحدة.

ونقلت «هآرتس» عن مصادر سياسية مطلعة على مناقشات الاتفاق قولها، ان المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوكشتاين يعتقد أنه لن يكون بالإمكان البدء في المفاوضات مع الحكومة اللبنانية بدون وقف إطلاق النار في غزة. هذا مقابل موقف فرنسا الذي يرى أنه يمكن تحقيق وقف منفصل لإطلاق النار بين «إسرائيل» ولبنان، حتى قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وأن النقاشات حول الحدود غير ملحة. وحسب هوكشتاين، يجب أن تتركز المفاوضات على ترسيم الحدود البرية، لأنه في ذلك تكمن احتمالية تحييد طلبات حزب الله والحكومة اللبنانية ضد «إسرائيل»، وإجبار الحكومة اللبنانية على نشر الجنود على الحدود المتفق عليها لـ «فرض سيادتها على كل الأراضي اللبنانية».

ووفقا للصحيفة، فان الخطة الأميركية أيضاً لم تقدم بعد أي إجابة على الطريقة، التي يمكن بواسطتها إجبار حزب الله على الانسحاب إلى ما وراء الليطاني، وتفكيك قواعده الموجودة قرب الحدود، لأن جزءاً من هذه القوات انسحب في السابق، حسب زعمها. اما الاختلاف بين موقف أميركا وفرنسا، الذي لا يخلو من اعتبارات المنافسة السياسية والمكانة، وامتناع السعودية عن «دخول صاخب» إلى داخل السياسة اللبنانية، وعجز مصر عن القيام بدور مهم، فتعطي، بحسب «هارتس»، حزب الله هامش مناورة سياسياً.

وصفت وسائل إعلام «إسرائيلية « إسقاط حزب الله المسيّرة «هرمز 450» فوق الأراضي اللبنانية، بانه حادث خطر جدا، ورأت «ان المطلوب رد صارم جدا»، ولفتت الى ان «الجيش الاسرائيلي فعل كل شيء من أجل تدميرها، حتى لا تكون المسيّرة في أيدي حزب الله لاجراء بحوث عليها».

من جهتها قالت «القناة 14 الاسرائيلية» أنّ «حزب الله اعترض طائرة من دون طيار ومسلّحة فوق سماء لبنان»، مضيفةً: «هذه ليست غزة، لدى نصر الله قدرات، وهذا تحدٍ».

وبقي الصاروخ  المستخدم من قبل المقاومة لغزا محيرا لـ «الاسرائيليين»، الذين بدؤوا بطرح اسئلة حول نوعه وقدراته الفعلية، خصوصا بعد فشل «مقلاع داود» في التصدي له ، وسط خشية من  وجود انظمة اكثر تطورا، يمكن ان تهدد سلاح الطيران الحربي.

وتعرف طائرة «هرمز 450» في «الجيش الإسرائيلي» باسم «زيك»، وهي مسيّرة تصنعها شركة «إلبيت الإسرائيلية»، وهي أيضاً طائرة تكتيكية مزودة بصواريخ تعمل من بُعد، وتستطيع التحليق والبقاء في الجو لمدة 20 ساعة متواصلة، ويمكن أن تحمل صواريخ متفجرة تزن 150 كيلوغراماً، إذ يمكن استخدامها في مهام الهجوم والاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية.

وتعدّ «هيرمز» ثالث أكبر طائرة مسيّرة في منظومة «جيش» العدو، ويشغلها «سرب 161» من سلاح الجو، المعروف باسم «سرب الأفعى السوداء»، وأيضاً وحدة «زيك» التابعة لسلاح المدفعية. هي مسيرة متوسطة الحجم مصممة للعمليات التكتيكية طويلة المدى، ضمن وحدات الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخبارية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ تطير إلى مسافة 300 كلم في الحد الأقصى.

وللمسيرة نظام تصوير متطور، فهي تحمل كاميرات كهروضوئية، وأشعة تحت الحمراء تستطيع التقاط صور عالية الجودة في النهار والليل، إضافةً إلى نظام لايزر لتحديد أهدافها. ويتم توجيهها بنظام هرمز للتحكم الأرضي «جي إس سي»، وهو نظام تعقب طيفي متطور جداً يساعدها على تحليل التضاريس.

الديار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى