مقالات

هل ستبقى الحرب في المنطقة مفتوحة حتى بداية شهر رمضان ؟

بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الإحتلال الإسرائيلي في وضع لا يحسد عليه بعد عملية طوفان الأقصى التي قامت بها فصائل المقاومة الفلسطينية في 7 اكتوبر من العام الماضي , فهو في نظر الإسرائيلين مسؤول عن الإنشقاق في الجسم الشعبي للمستوطنين بعد الثورة القضائية التي حاول القيام بها والتي ادت لمواجهته بمظاهرات حاشدة في تل ابيب وقرب مكان اقامته ومقر حكومته , وهذا الإنشقاق هو الذي تسبب في نجاح عملية الطوفان التي ادت الى ما ادت اليه من هزيمة استخباراتيه للأجهزة الأمنية الإسرائيلية , حيث لم يتمكنوا من معرفة ولو معلومة واحدة عن عملية عسكرية ناجحة قامت المقا-ومة الفلسطينية بالتحضير لها على مدى عدة سنوات .

نتنياهو كان يعلم ان بانتظاره مصير واحد من اثنين اما القتل او السجن فإذا به يحاول الفرار الى حل ثالث وهو القتل من اجل القتل الإنتقامي من الشعب الفلسطيني تحت ستار حتمية الوصول الى الأسرى لدى المقا-ومة وتحريرهم .

وان كان نتنياهو قد حاز على تأييد ودعم الدول العظمى  وعلى رأسها اميركا وفرنسا وبريطانيا والعديد من الدول الأخرى  الا ان هذا الدعم لم يسلك طريقه الى شعوب هذه الدول فكانت حكوماتهم في واد وهم في واد آخر , فخرجت تظاهرات عالمية تضامنا مع الشعب الفلسطيني ورفضا لحرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها حكومة نتنياهو وهذا ما اجبره على التشدد والإمعان في اراقة الدم اصالة عن نفسه ونيابة عن قادة الدول الذين ايدوه في حربه فكما الإنتخابات باتت قريبة في اميركا وجو بايدن يواجه اخصاما سياسيين كبار في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية فهذا الأمر نفسه يسري على بقية الدول الداعمة له .

نتنياهو كما وصف الإعلام العبري انه يقاد ولا يقود وهو اشبه بطائرة تحلق في الفضاء ومن يتحكم بها هما وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير ووزير المالية ستوتريتش المتطرفين . فهو ان جنح لمحاولة الحلول التفاوضية اجبراه على مواصلة القتال تحت تهديد فرط التحالف الحكومي وانهيار حكومة نتنياهو .

لا شك امام  المأزق الذي يعيشه كل من  نتنياهو وحكومته المتطرفة ومعرفته بالمصير الأسود الذي ينتظره وهو اما سجنا او قتلا واقله سقوط هذه الحكومة .

هذا بالنسبة للجانب الإسرائيلي .

اما بالنسبة لمحور المقا-ومة فقد يكون الكلام مزعجا للكثيرين ولكن كلمة الحق يجب ان تقال وان كانت الأثمان غالية :

نحن اللبنانيون دفعنا ثمن نصرة القضية الفلسطينية ولا زلنا ندفع وسنبقى ندفع حتى ساعة التحرير المنشودة والموعودة بالنص القرآني , لأننا ابناء مدرسة حسينية تناصر المظلوم وتقف في وجه الظالم مهما كانت التضحيات . ولكن علينا ان نقرأ الأمور بشيئ من التأني والموضوعية …

ان المعلومات المؤكدة من مصادر عدة ان العدة كانت تتحضر للمعركة الفاصلة التي تعقب انهيار المجتمع الإسرائيلي وانقسامه على بعضه ووصوله الى حدود الإقتتال الداخلي ولربما كانت عملية طوفان الأقصى لم يحن اوانها وبالتالي كانت خطأ استراتيجيا غير مقصود , ولكن هذا الخطأ اعاد الوحدة للمجتمع الإسرائيلي بعد ان اصبح قريبا من الإنهيار . والخطأ الإستراتيجي الآخر هو ان المق-او-مة الفلسطينية في قطاع غزة قد صرحت في بداية الحرب انها قادرة على الصمود على هذه الوتيرة لمدة ستة اشهر على الأقل , وبالتالي صار مطلوبا منها الصمود اكثر من 3 اشهر اضافية حتى يشعر الصهاينة انهم غير قادرين على تحطيم المقا-ومة والقضاء عليها وبالتالي عجزهم ان استعادة اي اسير بالضغط الحربي بل السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هي المفاوضات .

وقد شهدنا في بداية الحرب تهديد محور المقا-ومة بعزمه على التدخل في حال قرر الإسرائيلي اجتياح قطاع غزة , وما كان ينطق به وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبد اللهيان خير دليل على ذلك فهو لطالما هدد بنفاذ صبر المقا-ومة من عدة منابر دولية ولكن ما صرح به منذ ايام قليلة كان منخفض اللهجة بعكس ما كان يدلي به سابقا اذا قال : ان الحرب ليست هي الحل ! .

هذا من جهة اما من جهة ثانية فحسب المعلومات المتداولة ان الجنرال اسما-عيل ق-اآني خليفة الش-هيد قاسم سلي-ماني قد التقى بفصائل عراقية مشاركة في الهجمات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا وعلى الكيان الصهيوني وطلب منهم تخفيف الهجمات على القوات الأمريكية لأن اميركا سترد بقسوة على هذه الهجمات .

اما الجبهة اليمنية فلا زالت محافظة على وتيرتها في منع اي سفينة من ان تبحر عبر الخليج العربي او البحر الأحمر الى الكيان العبري ولكنهم اي الإسرائيليين اوجدوا طريقا بديلا عن البحر وهو جسر بري ينقلون البضائع عبره من الشرق الأقصى عبر ميناء الإمارات العربية المتحدة والسعودية والأردن الى داخل الأراضي المحتلة . وهذا ما يعني ان تأثير الجبهة اليمنية بات محدودا ولربما كان الجسر البري المشار اليه هو بداية وضع حجر الأساس لخط سكة الحديد الذي سيوصل ما بين دول الخليج العربي واوروبا عبر ميناء حيفا الإسرائيلي ( من يفكر بهذا الطريق البري سيتوجه تفكيره حتما الى سبب تدمير مرفأ بيروت وهو ان يصبح ميناء حيفا  الأول على شواطئ البحر الأبيض المتوسط بعد تحييد مرفأ بيروت ) .

اما عن الجبهة المصرية المحاذية لقطاع غزة فمن يفكر ان مصر خانت القضية الفلسطينية لربما سيكون واهما , فرفض نزوح الفلسطينيين اليها من قطاع غزة يعني ان مصر منعت انهاء القضية الفلسطينية , وان سجلنا ان مصر عجزت عن حماية المدنيين الفلسطينيين وعجزت عن ارسال المعونات الغذائية لهم الا برضى وموافقة اسرائيل ووفق ما تقتضية المصلحة الإسرائيلية  فهذا يعود الى حسابات مصرية داخلية . ولكن تبقى مصر هي موطن الحل وبداية الحل لأي ازمة فلسطينية . وزيارة الرئيس التركي الطيب رجب اردوغان الى مصر منذ ايام بعد قطيعة طويلة كادت ان تصل الى الحرب لها دلالاتها التي يجب ان تؤخذ بالحسبان …

اما قطر التي تحتضن قادة حركة حم-اس والتي هي تحت الحماية الأمريكية التركية الإيرانية بعد ان حاصرتها السعودية وكادت ان تجتاحها  فلا زالت اللاعب الأكبر على صعيد المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني والتي على ما يبدو لم تنقطع حتى في قمة العدوان على الشعب الفلسطيني داخل قطاع غزة ولكنها لم تتبلور حتى اللحظة بشكل دراماتيكي يفضي الى عملية تبادل كبرى يخرج فيها الأسرى الإسرائليين مقابل اخلاء سبيل المعتقلين الفلسطينيين .

اذا ما ربطنا كل ما تقدمنا به سنجد انفسنا امام اتجاه واحد يقود الى  ان المفاوضات لا زالت هي الحل الحقيقي المتاح وانها تشهد مخاضا صعبا  يحاول كل فريق ان يحقق انجازات على حساب الفريق الآخر وان عملية عض  الأصابع على اشدها بانتظار من سيرفع يده ويصرخ اولا , واعتقد اننا اصبحنا في المرحلة النهائية التي لربما ستستمر حتى ايام قليلة من بداية شهر رمضان وحينها ستكون الإنتخابات الأمريكية باتت قريبة وسيصرف الأمريكيون اهتمامهم الى الداخل الأمريكي ولكن قبل ذلك لربما سنشهد ارتفاعا ملحوظا من الأعمال العدوانية من جانب اسرائيل وسيقابله بالطبع عمليات اعتبارية لفريق المقا-ومة ولكن الى درجة لا يمكن ان تتطور لتصبح حربا اقليمية شاملة   .

موقع قلم حر

المستشار خليل الخليل

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى