فنون وحرفيات

حكاية قصيدة جبهة المجد للشاعر العراقي الجواهري في حافظ الأسد

عندما علم الرئيس الراحل “حافظ الأسد” بمرض الشاعر العراقي الكبير المقيم بدمشق” محمد مهدي الجواهري”, ذهب لزيارته… وعندما وصل وقرع الجرس، فتحت ابنته الباب ,فناداها والدها من بالباب فقالت: انه حافظ الأسد. فقال اعطني عكازي أتكئ عليها… واذ بالرئيس الأسد فوق رأسه يطمئن عليه. فنظم قصيدته المشهورة ( جبهة المجد ) التي غنت بعض ابياتها المطربة ميادة الحناوي.

دِمَشْقُ عِشْتُكِ رَيْعاناً، وخافِقَةً

ولِمَّةً، والعُيونَ السُّودَ، والأَرَقا

وها أَنا، ويَدي جِلْدٌ، وسالِفَتي

ثَلْجٌ، ووَجْهيَ عَظْمٌ كادَ أو عُرِقا

وأنتِ لم تَبْرَحي في النَّفْسِ عالِقَةً

دَمي ولَحْمِيَ والأنْفاسَ، والرَّمَقا

 

تُمَوِّجينَ ظِلالَ الذِّكْرَياتِ هَوىً

وتُسْعِدينَ الأَسى، والهَمَّ والقَلََقا

فَخْراً دِمَشْقُ تَقاسَمْنا مُراهَقَةً

واليومَ نَقْتَسِمُ الآلامَ والرَّهَقا

دِمَشْقُ صَبراً على البَلْوى فَكَمْ صُهِرَتْ

سَبائِكُ الذّهَبِ الغالي فما احْتَرَقا

على المَدى والعُروقُ الطُّهْرُ يَرْفُدُها

نَسْغُ الحياةِ بَديلاً عن دَمٍ هُرِقا

وعندَ أَعْوادِكِ الخَضْراءِ بَهْجَتُها

كالسِّنْدِيانَةِ مهما اسَّاقَطَتْ ورَقا

و(غابُ خَفَّانَ) زَئَّارٌ بهِ (أسَدٌ)

غَضْبانَ يَدْفَعُ عن أَشْبالِهِ حَنِقا

يا (حافِظَ) العَهْدِ، يا طَلاّعَ أَلْوِيَةٍ

تَناهَبَتْ حَلَباتِ العِزِّ مُسْتَبَقا

يا رابِطَ الجَأَشِ، يا ثَبْتاً بِمُسْتَعِرٍ

تَآخَيا في شَبوبٍ مِنه، والتَصَقا

تَزَلْزَلَتْ تَحْتَهُ أرضٌ فما صُعِقا

وازَّخْرَفَتْ حولَهُ دُنيا فما انْزَلَقا

أَلْقى بِزَقُّومِها المُوبي لِمُرْتَخِضٍ

وعافَ للمُتَهاوي وِرْدَها الطَّرَقا

يا حاضِنَ الفِكْرِ خَلاّقاً كأنَّ بِهِ

مِن نَسْجِ زَهْرِ الرُّبى مَوشِيَّةً أَنَقا

لكَ القَوافي، وما وَشَّتْ مَطارِفُها

تُهْدى، وما اسْتَنَّ مُهْدِيها، وما اعْتَلَقا

مِنَ (العِراقِ) مِنَ الأرضِ التي ائْتَلَفَتْ

و(الشَّامِ) ألْفاً فما مَلاَّ و لا افْتَرَقا

يا (جَبْهَةَ المَجْدِ) أَلْقَتْ كَرْبةٌ ظُلَلاً

مِنَ الشُّحوبِ عليها زِدْنَها أَلَقا

مَرَّتْ يَدٌ بَرَّةٌ فوقَ العُروقِ بها

تُميطُ عنها الأسى، والجُهْدَ، والعَرَقا

كَمِثْلِ أَرْضِكِ تَمْتَدُّ السَّماءُ بها

مَهْمومَةً تَرْقُبُ الفَجْرَ الذي انْطَلَقا

أَسْيانَةً كَم تَلَقَّتْ بينَ أَذْرُعِها

نَجْماً هَوى إثْرَ نَجْمٍِ صاعِدٍ خَفَقا

مَصارِعٌ تَسْتَقي الفادينَ تُرْبَتَها

في كلِّ شَهْرٍ مَشى (فادٍ) بها وسَقى

يا بِنْتَ أُمِّ البَلايا عانَقَتْ نَسَباً

أَغْلى وأَكْرَمَ في الأَنْسابِ مُعْتَنَقا

راحَتْ تُمَزِّقُ كُلّ الهازِئينَ بها

وحَوْلَكِ اسَّاقَطَتْ مَهْزوزَةً مِزَقا

كُنْتِ الكفُوءَ لها إذ كنتِ مُعْتَرَكاً

لِسوحِها، فِرَقاً جَرَّارَةً فِرَقا

(تَيْمورُ) خَفَّ و(هُولاكو) وقد سَحَقا

كلَّ الدُّنى وعلى أَسْوارِكِ انْسَحَقا

ما كنتِ أَعْتى، ولا أَقْوى سِوى دُفَعٍ

مِنَ الرُّجولاتِ، كانتْ عندها لُعقا

هنا جِوارَكِ ذو زَمْزَامَةٍ لَجِبٌ

أمْسِ اسْتَشاطَ فصَبَّتْ نارُهُ صَعَقا

جاعَتْ لِقَحْطِ (مُفاداةٍ) بها وَعَدَتْ

واسْتَنْجَدَتْ صاعَها والمِئْزَرَ الخَلَقا

ونحنُ نُطْعِمُها حُلْوَ البَيانِ رُؤىً

والفَخْرَ مُتَّشِحاً، والوَعْدَ مُرْتَزَقا

شَمَمْتُ تُرْبَكِ لا زُلْفى ولا مَلَقا

وسِرْتُ قَصْدَكِ لا خِبّاً، ولا مَذِقا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى